فصل: اقتضاء الأمر للتّكرار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


أمان

التّعريف

1 - الأمان في اللّغة‏:‏ عدم توقّع مكروهٍ في الزّمن الآتي، وأصل الأمن طمأنينة النّفس وزوال الخوف، والأمن والأمانة والأمان مصادر للفعل ‏(‏أمن‏)‏، ويرد الأمان تارةً اسماً للحالة الّتي يكون عليها الإنسان من الطّمأنينة، وتارةً لعقدٍ الأمان أو صكّه‏.‏

وعرّفه الفقهاء بأنّه‏:‏ رفع استباحة دم الحربيّ ورقّه وماله حين قتاله أو الغرم عليه، مع استقراره تحت حكم الإسلام‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الهدنة‏:‏

2 - الهدنة هي‏:‏ أن يعقد لأهل الحرب عقد على ترك القتال مدّةً بعوضٍ وبغير عوضٍ، وتسمّى‏:‏ مهادنةً وموادعةً ومعاهدةً‏.‏ ويختلف عقد الهدنة عن الأمان بأنّ عقد الهدنة لا يعقده إلاّ الإمام أو نائبه، أمّا الأمان فيصحّ من أفراد المسلمين‏.‏

ب - الجزية‏:‏

3 - عقد الجزية موجب لعصمة الدّماء وصيانة الأموال والأعراض إلى غير ذلك ممّا يترتّب عليه‏.‏ ويختلف عن الأمان في أنّ عقد الجزية مثل الهدنة لا يعقده إلاّ الإمام‏.‏ كما أنّ عقد الجزية مؤبّد لا ينقض، بخلاف الأمان فهو عقد غير لازمٍ، أي قابلٍ للنّقض بشروطه‏.‏

الحكم الإجماليّ

4 - الأصل أنّ إعطاء الأمان أو طلبه مباح، وقد يكون حراماً أو مكروهاً إذا كان يؤدّي إلى ضررٍ أو إخلالٍ بواجبٍ أو مندوبٍ‏.‏

وحكم الأمان هو ثبوت الأمن للكفرة عن القتل والسّبي وغنم أموالهم، فيحرم على المسلمين قتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريّهم واغتنام أموالهم‏.‏

يكون به الأمان

5 - ينعقد الأمان بكلّ لفظٍ صريحٍ أو كنايةٍ يفيد الغرض، بأيّ لغةٍ كان، وينعقد بالكتابة والرّسالة والإشارة المفهمة‏.‏ لأنّ التّأمين إنّما هو معنًى في النّفس، فيظهره المؤمّن تارةً بالنّطق، وتارةً بالكتابة، وتارةً بالإشارة، فكلّ ما بيّن به التّأمين فإنّه يلزم‏.‏

شروط الأمان

6 - ذهب المالكيّة والحنابلة وأكثر الشّافعيّة إلى أنّ شرط الأمان انتفاء الضّرر، ولو لم تظهر المصلحة‏.‏

وقيّد البلقينيّ جواز الأمان بمجرّد انتفاء الضّرر بغير الأمان المعطى من الإمام، فلا بدّ فيه من المصلحة والنّظر للمسلمين‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ يشترط في الأمان أن تكون فيه مصلحة ظاهرة للمسلمين وذلك بأن يعطى في حال ضعف المسلمين وقوّة أعدائهم، لأنّ الجهاد فرض والأمان يتضمّن تحريم القتال، فيتناقض، إلاّ إذا كان في حال ضعف المسلمين وقوّة الكفرة، لأنّه إذ ذاك يكون قتالاً معنًى، لوقوعه وسيلةً إلى الاستعداد للقتال، فلا يؤدّي إلى التّناقض‏.‏

من له حقّ إعطاء الأمان

7 - الأمان إمّا أن يعطى من الإمام أو من آحاد المسلمين‏:‏

أ - أمان الإمام‏:‏ يصحّ أمان الإمام لجميع الكفّار وآحادهم، لأنّه مقدّم للنّظر والمصلحة، نائب عن الجميع في جلب المنافع ودفع المضارّ‏.‏ وهذا ما لا خلاف فيه‏.‏

ب - أمان آحاد المسلمين‏:‏ يرى جمهور الفقهاء أنّ أمان آحاد المسلمين يصحّ لعددٍ محصورٍ كأهل قريةٍ صغيرةٍ وحصنٍ صغيرٍ، أمّا تأمين العدد الّذي لا ينحصر فهو من خصائص الإمام‏.‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّ الأمان يصحّ من الواحد، سواء أمّن جماعةً كثيرةً أو قليلةً أو أهل مصرٍ أو قريةٍ، فليس حينئذٍ لأحدٍ من المسلمين قتالهم‏.‏

شروط المؤمّن

8 - أ - الإسلام‏:‏ فلا يصحّ أمان الكافر، وإن كان يقاتل مع المسلمين‏.‏

ب - العقل‏:‏ فلا يصحّ أمان المجنون والصّبيّ الّذي لا يعقل‏.‏

ج - البلوغ‏:‏ بلوغ المؤمّن شرط عند جمهور الفقهاء‏.‏ وقال محمّد بن الحسن الشّيبانيّ‏:‏ ليس بشرطٍ‏.‏

د - عدم الخوف من الحربيّين‏:‏ فلا يصحّ أمان المقهورين في أيدي الكفرة‏.‏

أمّا الذّكورة فليست بشرطٍ لصحّة الأمان عند جمهور الفقهاء، فيصحّ أمان المرأة لأنّها لا تعجز عن الوقوف على حال القوّة والضّعف‏.‏

وقال ابن الماجشون من المالكيّة‏:‏ إنّ أمان المرأة والعبد والصّبيّ لا يجوز ابتداءً، ولكن إن وقع يمضي إن أمضاه الإمام وإن شاء ردّه‏.‏

مواطن البحث

فصّل الفقهاء أحكام الأمان في أبواب السّير والجهاد فتنظر فيها، ويرجع إلى مصطلح ‏(‏مستأمن‏)‏‏.‏

أمانة

التّعريف

1 - الأمانة‏:‏ ضدّ الخيانة، والأمانة تطلق على‏:‏ كلّ ما عهد به إلى الإنسان من التّكاليف الشّرعيّة وغيرها كالعبادة الوديعة، ومن الأمانة‏:‏ الأهل والمال‏.‏

وبالتّتبّع تبيّن أنّ الأمانة قد استعملها الفقهاء بمعنيين‏:‏

أحدهما‏:‏ بمعنى الشّيء الّذي يوجد عند الأمين، وذلك يكون في‏:‏

أ - العقد الّذي تكون الأمانة فيه هي المقصد الأصليّ، وهو الوديعة وهي، العين الّتي توضع عند شخصٍ ليحفظها، فهي أخصّ من الأمانة، فكلّ وديعةٍ أمانة ولا عكس‏.‏

ب - العقد الّذي تكون الأمانة فيه ضمناً، وليست أصلاً بل تبعاً، كالإجارة والعاريّة والمضاربة والوكالة والشّركة والرّهن‏.‏

ج - ما كانت بدون عقدٍ كاللّقطة، وكما إذا ألقت الرّيح في دار أحدٍ مال جاره، وذلك ما يسمّى بالأمانات الشّرعيّة‏.‏

الثّاني‏:‏ بمعنى الصّفة وذلك في‏:‏

أ - ما يسمّى ببيع الأمانة، كالمرابحة والتّولية والاسترسال ‏(‏الاستئمان‏)‏ وهي العقود الّتي يحتكم فيها المبتاع إلى ضمير البائع وأمانته‏.‏

ب - في الولايات سواء كانت عامّةً كالقاضي، أم خاصّةً كالوصيّ وناظر الوقف‏.‏

ج - فيمن يترتّب على كلامه حكم كالشّاهد‏.‏

د - تستعمل الأمانة في باب الأيمان كمقسمٍ بها باعتبارها صفةً من صفات اللّه تعالى‏.‏

الحكم الإجماليّ

أوّلاً‏:‏ الأمانة بمعنى الشّيء الّذي يوجد عند الأمين‏:‏

2 - للأمانة بهذا المعنى عدّة أحكامٍ إجمالها فيما يلي‏:‏

أ - الأصل إباحة أخذ الوديعة واللّقطة، وقيل يستحبّ الأخذ لمن قدر على الحفظ والأداء، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وتعاونوا على البرّ والتّقوى‏}‏‏.‏

وقد يعرض الوجوب لمن يثق في أمانة نفسه وخيف على اللّقطة أخذ خائنٍ لها، وعلى الوديعة من الهلاك أو الفقد عند عدم الإيداع، لأنّ مال الغير واجب الحفظ، وحرمة المال كحرمة النّفس، وقد روى ابن مسعودٍ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «حرمة مال المؤمن كحرمة دمه»‏.‏ وقد يحرم الأخذ لمن يعجز عن الحفظ، أو لا يثق بأمانة نفسه، وفي ذلك تعريض المال للهلاك‏.‏ وهذا في الجملة‏.‏ وتفصيله في الوديعة واللّقطة‏.‏

ب - وجوب المحافظة على الأمانة عامّةً، وديعةً كانت أو غيرها، يقول العلماء‏:‏ حفظ الأمانة يوجب سعادة الدّارين، والخيانة توجب الشّقاء فيهما، والحفظ يكون بحسب كلّ أمانةٍ، فالوديعة مثلاً يكون حفظها بوضعها في حرز مثلها‏.‏ والعاريّة والشّيء المستأجر يكون حفظهما بعدم التّعدّي في الاستعمال المأذون فيه، وبعدم التّفريط‏.‏ وفي مال المضاربة يكون بعدم مخالفة ما أذن فيه للمضارب من التّصرّفات وهكذا‏.‏

ت - وجوب الرّدّ عند الطّلب لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنّ اللّه يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك»‏.‏

ث - وجوب الضّمان بالجحود أو التّعدّي أو التّفريط‏.‏

ج- سقوط الضّمان إذا تلفت الأمانة دون تعدٍّ أو تفريطٍ‏.‏

وهذا في غير العاريّة عند الحنابلة والشّافعيّة، فالعاريّة عندهم مضمونة‏.‏

ح - التّعزير على ترك أداء الأمانات كالودائع وأموال الأيتام وغلّات الوقوف، وما تحت أيدي الوكلاء والمقارضين وشبه ذلك، فإنّه يعاقب على ذلك كلّه حتّى يؤدّي ما يجب عليه‏.‏ وللفقهاء في كلّ ذلك تفصيلات وفروع يرجع إليها في مواضعها من ‏(‏وديعة، ولقطة، وعاريّة، وإجارة، ورهن، وضمان، ووكالة‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ الأمانة بمعنى الصّفة‏:‏

3 - تختلف أحكام الأمانة بهذا المعنى لاختلاف مواضعها، وبيان ذلك إجمالاً فيما يأتي‏:‏

أ - بيع الأمانة كالمرابحة، والمرابحة تعتبر بيع أمانةٍ، لأنّ المشتري ائتمن البائع في إخباره عن الثّمن الأوّل من غير بيّنةٍ ولا استحلافٍ، فتجب صيانتها عن الخيانة والتّهمة، لأنّ التّحرّز عن ذلك كلّه واجب ما أمكن، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيّها الّذين آمنوا لا تخونوا اللّه والرّسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون‏}‏‏.‏ وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ليس منّا من غشّنا»‏.‏

وعلى ذلك فإذا ظهرت الخيانة في بيع المرابحة ففي الجملة يكون المشتري بالخيار، إن شاء أخذ المبيع، وإن شاء ردّه، وقيل‏:‏ بحطّ الزّيادة على أصل رأس المال ونسبتها من الرّبح مع إمضاء البيع‏.‏

هذا مع تفصيلٍ كثيرٍ ينظر في ‏(‏بيع - مرابحة - تولية - استرسال‏)‏‏.‏

ب - اعتبار الأمانة شرطاً فيمن تكون له ولاية ونظر في مال غيره كالوصيّ وناظر الوقف، فقد اشترط الفقهاء صفة الأمانة في الوصيّ وناظر الوقف، وأنّه يعزل لو ظهرت خيانته، أو يضمّ إليه أمين في بعض الأحوال، وهذا في الجملة‏.‏ كذلك من له ولاية عامّة كالقاضي، فالأصل اعتبار الأمانة فيه‏.‏ وللفقهاء في ذلك تفصيل ‏(‏ر‏:‏ قضاء، وصيّ‏)‏‏.‏

ج - من يترتّب على كلامه حكم كالشّاهد‏:‏ فقد اشترط الفقهاء في الشّاهد العدالة، لقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم‏}‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبيّنوا‏}‏، فأمر اللّه تعالى بالتّوقّف عن نبأ الفاسق، والشّهادة نبأ فيجب عدم قبول شهادة الفاسق، واعتبر الفقهاء أنّ الخيانة من الفسق، واستدلّوا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تجوز شهادة خائنٍ ولا خائنةٍ»‏.‏

د - الحلف بالأمانة‏:‏ يرى جمهور الفقهاء أنّ من حلف بالأمانة مع إضافتها إلى اسم اللّه سبحانه وتعالى فقال‏:‏ وأمانة اللّه لأفعلن كذا، فإنّ ذلك يعتبر يميناً توجب الكفّارة‏.‏

أمّا الحلف بالأمانة فقط دون إضافةٍ إلى لفظ الجلالة، فإنّه يرجع فيه إلى نيّة الحالف، فإن أراد بالأمانة صفة اللّه تعالى فالحلف بها يمين، وإن أراد بالأمانة ما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض‏}‏ أي التّكاليف الّتي كلّف اللّه بها عباده فليس بيمينٍ‏.‏ ويكون الحلف بها غير مشروعٍ لأنّه حلف بغير اللّه، واستدلّ لذلك بحديث‏:‏ «من حلف بالأمانة فليس منّا»‏.‏

مواطن البحث

4 - يأتي ذكر الأمانة في كثيرٍ من الأبواب الفقهيّة‏:‏ كالبيع، والوكالة، والشّركة، والمضاربة، الوديعة، والعاريّة، والإجارة، والرّهن، والوقف، والوصيّة، والأيمان، والشّهادة، والقضاء‏.‏ وقد سبقت الإشارة إلى ذكر ذلك إجمالاً‏.‏

كذلك يأتي ذكر الأمانة في باب الحضانة باعتبارها شرطاً من شروط الحاضن والحاضنة، وفي باب الحجّ في الرّفقة المأمونة بالنّسبة لسفر المرأة، وفي باب الصّيام بالنّسبة لمن يخبر برؤية الهلال‏.‏

امتثال

انظر‏:‏ طاعة

امتشاط

التّعريف

1 - الامتشاط لغةً‏:‏ هو ترجيل الشّعر، والتّرجيل‏:‏ تسريح الشّعر، وتنظيفه، وتحسينه‏.‏ وعند الفقهاء معناه كالمعنى اللّغويّ‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - يستحبّ ترجيل شعر الرّأس واللّحية من الرّجل، وكذا الرّأس من المرأة، لما ورد‏:‏

«أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد فدخل رجل ثائر الرّأس واللّحية، فأشار إليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بيده أن اخرج‏.‏ كأنّه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرّجل ثمّ رجع، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرّأس، كأنّه شيطان»

ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «من كان له شعر فليكرمه» ويفصّل الفقهاء ذلك في خصال الفطرة، والحظر والإباحة‏.‏

3 - وفي الإحرام‏:‏ يحرم الامتشاط إن علم أنّه يزيل شعراً، وكذا إن كان يدهن ولم يزل شعراً، فإن كان لا يزيل شعراً وكان بغير طيبٍ فإنّ من الفقهاء من أباحه، ومنهم من كرهه على تفصيلٍ ينظر في مصطلح ‏(‏إحرام‏)‏

4 - ولا يمنع امتشاط المحدّة عند أغلب الفقهاء، إن كان التّرجيل خالياً عن موادّ الزّينة، فإن كان بدهنٍ أو طيبٍ حرم‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ يحرم امتشاط المحدّة بمشطٍ ضيّقٍ، وإن لم يكن معه طيب، وتفصيل هذه الأحكام يذكرها الفقهاء في ‏(‏الإحداد‏)‏ ‏(‏ج 2 ص 107 ف 14‏)‏‏.‏

امتناع

التّعريف

1 - الامتناع لغةً‏:‏ مصدر امتنع‏.‏ يقال‏:‏ امتنع من الأمر‏:‏ إذا كفّ عنه‏.‏ ويقال‏:‏ امتنع بقومه أي‏:‏ تقوّى بهم وعزّ، فلم يقدر عليه‏.‏

والامتناع في الاصطلاح لا يخرج عن هذين المعنيين‏.‏

الحكم الإجمالي

2 - إنّ الامتناع عن الفعل المحرّم واجب، كالامتناع عن الزّنى وشرب الخمر، وامتناع الحائض عن الصّلاة، وعن مسّ المصحف، والجلوس في المسجد‏.‏

والامتناع عن الواجب حرام، كامتناع المكلّف غير المعذور عن الصّلاة والصّوم والحجّ، ومثل امتناع المحتكر عن بيع الأقوات، والامتناع عن إنقاذ المشرف على الهلاك ممّن هو قادر على إنقاذه‏.‏

والامتناع عن المندوب يكون مكروهاً، كامتناع المريض عن التّداوي مع قدرته عليه‏.‏ والامتناع عن المكروه يكون مندوباً إليه، كالامتناع عن التّدخين عند من يقول بكراهته، والامتناع عن تولّي القضاء لمن يخاف على نفسه الزّلل‏.‏

والامتناع عن المباح مباح، كالامتناع عن طعامٍ معيّنٍ في الأحوال المعتادة، ومثل امتناع المرأة عن الدّخول حتّى تقبض مقدّم المهر، وامتناع البائع من تسليم المبيع حتّى يقبض الثّمن‏.‏ ويرجع لمعرفة حكم كلّ نوعٍ من هذه الأنواع في بابه‏.‏

امتهان

التّعريف

1 - الامتهان افتعال من ‏(‏مهن‏)‏ أي خدم غيره، وامتهنه‏:‏ استخدمه، أو ابتذله‏.‏ ومنه يتبيّن أنّ أهل اللّغة يستعملون كلمة ‏(‏امتهانٍ‏)‏ في معنيين‏:‏

الأوّل‏:‏ بمعنى ‏(‏الاحتراف‏)‏، والثّاني‏:‏ بمعنى ‏(‏الابتذال‏)‏‏.‏

والابتذال هو‏:‏ عدم صيانة الشّيء بل تداوله واستخدامه في العمل‏.‏

والفقهاء يستعملون الامتهان بهذين المعنيين أيضاً‏.‏

أمّا الامتهان بمعنى الاحتراف، فينظر تفصيله في مصطلح ‏(‏احتراف ج 1 ص 69‏)‏ وفيما يلي ما يتّصل بالمعنى الثّاني وهو الابتذال‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الاستخفاف والاستهانة‏:‏

2 - سبق بيان معنى ‏(‏الامتهان‏)‏ ومنه يتبيّن أنّه غير الاستهانة بالشّيء أو الاستخفاف به، فالاستهانة بالشّيء استحقاره، أمّا الامتهان فليس فيه معنى الاستحقار‏.‏

الحكم الإجماليّ

3 - هناك كثير من الأحوال يطلب فيها من المسلم أن يلبس غير ثياب المهنة، كالجمعة والعيدين والجماعات، يدلّ على ذلك حديث ‏{‏ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته‏}‏‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏احتراف‏)‏ ‏(‏وألبسة‏)‏‏.‏ كما أنّه يختلف حكم ما فيه صورة، بين أن يكون ممتهناً ‏(‏مبتذلاً‏)‏ أو غير ممتهنٍ وينظر في مصطلح ‏(‏تصوير‏)‏‏.‏

أمر

التّعريف

1- الأمر في اللّغة يأتي بمعنيين‏:‏

الأوّل‏:‏ يأتي بمعنى الحال أو الشّأن، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما أمر فرعون برشيدٍ‏}‏ أو الحادثة، ومنه قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏وشاورهم في الأمر‏}‏

قال الخطيب القزوينيّ في الإيضاح‏:‏ أي شاورهم في الفعل الّذي تعزم عليه‏.‏ ويجمع بهذا المعنى على ‏(‏أمورٍ‏)‏‏.‏

الثّاني‏:‏ طلب الفعل، وهو بهذا المعنى نقيض النّهي‏.‏ وجمعه ‏(‏أوامر‏)‏ فرقاً بينهما، كما قاله الفيّوميّ‏.‏

وعند الفقهاء يستعمل الأمر بالمعنيين المذكورين، ولكن اختلف الأصوليّون من ذلك في مسائل‏:‏

المسألة الأولى‏:‏ قال بعضهم‏:‏ لفظ ‏(‏الأمر‏)‏ مشترك لفظيّ بين المعنيين‏.‏ وقال آخرون‏:‏ بل هو حقيقة في القول المخصوص، وهو قول الطّالب للفعل، مجاز في الحال والشّأن‏.‏ وقيل‏:‏ إنّه موضوع للمعنى المشترك بينهما‏.‏

المسألة الثّانية‏:‏ طلب الفعل لا يسمّى أمراً حقيقةً، إلاّ إن كان على وجه الحتم والإلزام‏.‏ واستدلّ من قال بذلك بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك مع كلّ وضوءٍ» قالوا‏:‏ لو لم يكن الأمر على وجه الحتم ما كان فيه مشقّة‏.‏ وهذا قول الحنفيّة‏.‏ وقال الباقلّانيّ وجمهور الشّافعيّة‏:‏ لا يشترط ذلك، بل طلب الفعل أمر ولو لم يكن على وجه التّحتّم، فيدخل المندوب في المأمور به حقيقةً‏.‏

المسألة الثّالثة‏:‏ إنّ طلب الفعل لا يسمّى أمراً حقيقةً إلاّ إذا كان على سبيل الاستعلاء، أي استعلاء الآمر على المأمور، احترازاً عن الدّعاء والالتماس، فهو شرط أكثر الماتريديّة والآمديّ من الأشعريّة، وصحّحه الرّازيّ، وهو رأي أبي الحسين البصريّ من المعتزلة، لذمّ العقلاء الأدنى بأمره من هو أعلى‏.‏

وعند المعتزلة يجب العلوّ في الأمر، وإلاّ كان دعاءً أو التماساً‏.‏

وعند الأشعريّ لا يشترط العلوّ ولا الاستعلاء، وبه قال أكثر الشّافعيّة‏.‏ وفي شرح المختصر‏:‏ وهو الحقّ، لقوله تعالى حكايةً عن فرعون‏:‏ ‏{‏إنّ هذا لساحر عليم، يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون‏}‏‏.‏

صيغ الأمر

2 - للأمر صيغ صريحة وهي ثلاثة‏:‏ فعل الأمر، مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أقيموا الصّلاة‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فاسعوا إلى ذكر اللّه‏}‏، واسم فعل الأمر نحو‏:‏ نزال، والمضارع المقترن فاللّام الأمر نحو ‏{‏لينفق ذو سعةٍ من سعته‏}‏‏.‏

وصيغ غير صريحةٍ، قال الشّاطبيّ‏:‏

- أ - منها‏:‏ ما جاء مجيء الإخبار عن تقرير الحكم، نحو‏:‏ ‏{‏والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين‏}‏‏.‏

- ب - ومنها‏:‏ ما جاء مجيء مدحه أو مدح فاعله نحو‏:‏ ‏{‏ومن يطع اللّه ورسوله يدخله جنّاتٍ‏}‏‏.‏

- ج - ومنها‏:‏ ما يتوقّف عليه المطلوب، كالمفروض في مسألة ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، كغسل جزءٍ من الرّأس، لاستيفاء غسل الوجه‏.‏

دلالة صيغة الأمر الصّريحة

3 - اختلف الأصوليّون في دلالة صيغة ‏(‏افعل‏)‏ غير المقترنة بما يعيّن معناها‏.‏

فهي عند الجمهور حقيقة في الوجوب، وعند أبي هاشمٍ وكثيرٍ من الأصوليّين حقيقة في النّدب وهو أحد قولي الشّافعيّ، وقيل‏:‏ مشترك بينهما اشتراكاً لفظيّاً، وروي هذا عن الشّافعيّ‏.‏ وقيل‏:‏ إنّها موضوعة لمشتركٍ بينهما وهو الاقتضاء حتماً كان أو ندباً، وروي هذا عن أبي منصورٍ الماتريديّ، ونسب إلى مشايخ سمرقند‏.‏

4 - الأمر الوارد بعد الحظر هو للإباحة عند الأكثر، ومنهم الشّافعيّ والآمديّ كقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها»‏.‏

وللوجوب عند عامّة الحنفيّة وهو المرويّ عن القاضي والمعتزلة واختاره الرّازيّ، وتوقّف فيه إمام الحرمين‏.‏ واختار ابن الهمام والشّيخ زكريّا الأنصاريّ أنّه يرجع الحكم لما كان عليه قبل الحظر إباحةً أو وجوباً‏.‏

ورود الأمر لغير الوجوب

5 - ترد صيغة الأمر لغير الوجوب في أكثر من عشرين معنًى، منها‏:‏ الالتماس والتّهديد‏.‏

اقتضاء الأمر للتّكرار

6 - الأمر لطلب الفعل مطلقاً لا يقتضي التّكرار عند الحنفيّة، فيبرأ بالفعل مرّةً ويحتمل التّكرار، واختاره الرّازيّ والآمديّ‏.‏

وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايينيّ‏:‏ هو لازم مدّة العمر إن أمكن، وعلى هذا جماعة من الفقهاء والمتكلّمين‏.‏

وذهب كثير من أهل الأصول إلى أنّها للمرّة، ولا يحتمل التّكرار، وهو قول أكثر الشّافعيّة‏.‏ أمّا إن قيّد بشرطٍ، نحو ‏{‏وإن كنتم جنباً فاطّهّروا‏}‏ أو بالصّفة نحو ‏{‏والسّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما‏}‏ فإنّه يقتضي التّكرار، بتكرّر الشّرط أو الصّفة، وقيل بالوقف في ذلك‏.‏

دلالة الأمر على الفور أو التّراخي

7 - الصّحيح عند الحنفيّة أنّ الأمر لمجرّد الطّلب، فيجوز التّأخير كما يجوز البدار، وعزي إلى الشّافعيّ وأصحابه‏.‏ واختاره الرّازيّ والآمديّ‏.‏

وقيل‏:‏ يوجب الفور، وعزي إلى المالكيّة والحنابلة والكرخيّ، واختاره السّكّاكيّ والقاضي‏.‏ وتوقّف الإمام في أنّه للفور أو للقدر المشترك بين الفور والتّراخي‏.‏

الأمر بالأمر

8 - من أمر غيره أن يأمر آخر بفعلٍ ما فليس هذا أمراً للمأمور الثّاني على المختار عند الأصوليّين‏.‏ فقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «مروا أولادكم بالصّلاة وهم أبناء سبع سنين» ليس أمراً منه للصّبيان بالصّلاة‏.‏

لكن إن أفهمت القرينة أنّ الواسطة مجرّد مبلّغٍ كان الأمر بالأمر أمراً للمأمور الثّاني، ومنه «أنّ عمر أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ عبد اللّه بن عمر طلّق امرأته وهي حائض، فقال‏:‏ مره فليراجعها»‏.‏ وليس من موضوع هذه المسألة ما لو صرّح الأمر بالتّبليغ نحو قوله‏:‏ ‏(‏قل لفلانٍ يفعل كذا‏)‏ فإنّ هذا أمر للثّاني بلا خلافٍ‏.‏

تكرار الأمر

9 - إذا كرّر الآمر الأمر قبل أن ينفّذ المأمور الأمر الأوّل، فقد يتعيّن الثّاني للتّأكيد، كما في نحو‏:‏ صم هذا اليوم، صم هذا اليوم، إذ لا يصام اليوم مرّتين‏.‏ ونحو‏:‏ اسقني اسقني، فإنّ الحاجة الّتي دعت إلى طلب الماء تندفع بالشّرب الأوّل‏.‏ فإن دار الثّاني بين التّأسيس والتّأكيد فقيل‏:‏ يحمل على التّأسيس احتياطاً، ويكون المطلوب الإتيان بالفعل مكرّراً‏.‏ وقيل‏:‏ يحمل على التّأكيد لكثرته في الكلام‏.‏

امتثال الآمر يقتضي الإجزاء

10 - المأمور إذا أتى بالمأمور به على وجهه كما طلب مع الشّرائط والأركان، يستلزم الإجزاء اتّفاقاً، إذا فسّر الإجزاء بالامتثال‏.‏

أمّا إن فسّر الإجزاء بسقوط القضاء، فإنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يسقطه كذلك عند الجمهور، خلافاً للقاضي عبد الجبّار المعتزليّ‏.‏

تعارض الأمر والنّهي

11 - النّهي عند الأصوليّين يترجّح على الأمر، لأنّ دفع المفسدة المستفادة من النّهي أولى من جلب المنفعة، ولذا يترجّح حديث النّهي عن الصّلاة في الأوقات المكروهة على حديث الأمر بصلاة ركعتين قبل الجلوس في المسجد، في حقّ من دخل المسجد قبيل غروب الشّمس مثلاً‏.‏ وفي هذه المسائل المتقدّمة خلافات وتفصيلات أوسع ممّا تقدّم، فليرجع إليها ضمن مباحث الأمر من كتب أصول الفقه، والملحق الأصوليّ‏.‏

الأحكام الفقهيّة إجمالاً

طاعة الأوامر‏:‏

12 - تجب طاعة أوامر اللّه تعالى الّتي تقتضي الوجوب، وكذلك أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ويطاع سواهما في غير المعصية، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم «السّمع والطّاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره، ما لم يؤمر بمعصيةٍ» فيطاع الأبوان ووليّ الأمر ونوّابه في غير الحرام‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ طاعة‏)‏‏.‏

الأمر في الجنايات‏:‏

13 - من أمر إنساناً بقتل إنسانٍ فقتله، فالقصاص على القاتل دون الآمر، إن كان القاتل مكلّفاً، لكن إن كان للآمر ولاية على المأمور، أو خاف المأمور على نفسه لو لم يفعل، ففي وجوب القصاص عليهما أو على أحدهما خلاف وتفصيل‏.‏

ينظر في ‏(‏إكراه، وقتل، وقصاص‏)‏

ضمان الآمر‏:‏

14 - من أمر غيره بعملٍ، فأتلف شيئاً، فالضّمان على المتلف لا على الآمر، ويستثنى من ذلك صور منها‏:‏ أن يكون الآمر سلطاناً أو أباً، أو يكون المأمور صغيراً أو مجنوناً أو أجيراً لدى الآمر‏.‏ وفي ذلك تفصيل يرجع إليه في مصطلح ‏(‏ضمان وإكراه‏)‏‏.‏

الإيجاب أو القبول بصيغة الأمر

15 - إذا قال‏:‏ بعني هذا الثّوب بعشرين، فقال‏:‏ بعتك بها، انعقد البيع وصحّ‏.‏ وكذا لو قال البائع‏:‏ اشتر منّي هذا الثّوب بكذا، فقال‏:‏ اشتريته به، لصدق حدّ الإيجاب والقبول عليهما‏.‏ وكذا في التّزويج، لو قال لرجلٍ‏:‏ زوّجني ابنتك، فقال‏:‏ زوّجتكها، ينعقد النّكاح‏.‏ وهذا بخلاف الاستفهام أو التّمنّي مثلاً، فلا ينعقد بهما العقد‏.‏ كما لو قال‏:‏ أتبيعني هذا الثّوب بكذا فقال‏:‏ بعتكه بها‏.‏ وفي ذلك تفصيل، وفي بعضه خلاف ‏(‏ر‏:‏ صيغة، عقد، زواج‏)‏‏.‏

امرأة

التّعريف

1 - المرء هو الإنسان، والأنثى منه ‏(‏مرأة‏)‏ بإضافة تاء التّأنيث، وقد تلحق بها همزة الوصل فتصبح ‏(‏امرأة‏)‏ وهي اسم للبالغة‏.‏

وهذا في اللّغة والاصطلاح‏.‏ إلاّ أنّها في بعض الأبواب كالمواريث تصدق على الصّغير والكبير‏.‏

الحكم الإجمالي

2 - يمكن إجمال ما يتعلّق بالمرأة من أحكامٍ غالباً فيما يأتي‏:‏

أ - المرأة كإنسانٍ لها حقّ الرّعاية في طفولتها من تربيةٍ وتعليمٍ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من كانت له ابنة فأدّبها فأحسن تأديبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، وأوسع عليها من نعم اللّه الّتي أسبغ عليه، كانت له منعةً وسترةً من النّار»‏.‏

وإذا رشدت كانت لها ذمّتها الماليّة المستقلّة، وصار لها حرّيّة التّعبير عن إرادتها، ولذلك لا تزوّج بدون إذنها‏.‏

ب - والمرأة كأنثى، مطالبة بالمحافظة على مظاهر أنوثتها، فلها أن تتزيّن بزينة النّساء، ويحرم عليها التّشبّه بالرّجال‏.‏ ومطالبة كذلك بالتّستّر وعدم الاختلاط بالرّجال الأجانب أو الخلوة بهم، ولذلك تقف في الصّلاة متأخّرةً عن صفوف الرّجال‏.‏

ج - والمرأة كمسلمةٍ، مطالبة بكلّ التّكاليف الشّرعيّة الّتي فرضها اللّه على عباده، مع الاختلاف عن الذّكر في بعض هيئات العبادة‏.‏

د - والمرأة اختصّها اللّه سبحانه وتعالى بالحيض والحمل والولادة، وترتّب على ذلك بعض الأحكام الفقهيّة كالتّخفيف عنها في العبادات في هذه الحالات‏.‏

هـ - ولضعف المرأة في الخلقة والتّكوين، فإنّها لا تتولّى من الأعمال ما يحتاج إلى بذل الجهد الجسديّ والذّهنيّ كالإمارة والقضاء، ولم يفرض عليها الجهاد في الجملة، وكانت شهادتها على النّصف من شهادة الرّجل‏.‏

و - ولأنّ المرأة أكثر حناناً وشفقةً من الرّجل كان حقّها في الحضانة مقدّماً على الرّجل‏.‏

ز - والأصل أن يكون عمل المرأة هو رعاية بيتها وزوجها وأولادها، لذلك كانت نفقتها على زوجها ولو كانت غنيّةً‏.‏ وكان الرّجل قوّاماً عليها، يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم‏}‏‏.‏

وتفصيل كلّ هذه الأمور ينظر في مصطلح ‏(‏أنوثة‏)‏‏.‏

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

التّعريف

1 - الأمر في اللّغة‏:‏ كلام دالّ على طلب الفعل، أو قول القائل لمن دونه‏:‏ افعل‏.‏

وأمرت بالمعروف‏:‏ أي بالخير والإحسان‏.‏

ويقول ابن الأثير‏:‏ المعروف اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه والتّقرّب إليه، والإحسان إلى النّاس، وكلّ ما ندب إليه الشّرع من المحسّنات، ونهى عنه من المقبّحات‏.‏ وهو من الصّفات الغالبة أي معروف بين النّاس إذا رأوه لا ينكرونه‏.‏

والأمر بالمعروف في اصطلاح الفقهاء‏:‏ هو الأمر باتّباع محمّدٍ صلى الله عليه وسلم ودينه الّذي جاء به من عند اللّه، وأصل المعروف‏:‏ كلّ ما كان معروفاً فعله جميلاً غير مستقبحٍ عند أهل الإيمان، ولا يستنكرون فعله‏.‏

أمّا النّهي عن المنكر، فإنّ النّهي في اللّغة‏:‏ ضدّ الأمر، وهو قول القائل لمن دونه‏:‏ لا تفعل‏.‏ والمنكر لغةً‏:‏ الأمر القبيح‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ المنكر ما ليس فيه رضى اللّه من قولٍ أو فعلٍ‏.‏ فالنّهي عن المنكر في الاصطلاح‏:‏ طلب الكفّ عن فعل ما ليس فيه رضى اللّه تعالى‏.‏

هذا، وقد عرّف الزّبيديّ الأمر بالمعروف بقوله‏:‏ هو ما قبله العقل، وأقرّه الشّرع، ووافق كرم الطّبع‏.‏ والنّهي عن المنكر‏:‏ هو ما ليس فيه رضى اللّه تعالى من قولٍ أو فعلٍ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الحسبة‏:‏

2 - الاحتساب في اللّغة‏:‏ العدّ والحساب ونحوه، ومنه احتساب الأجر عند اللّه، أي‏:‏ طلبه كما في الحديث‏:‏ «من مات له ولد فاحتسبه» أي‏:‏ احتسب الأجر بصبره على مصيبته به، قال صاحب اللّسان‏:‏ معناه عدّ مصيبته به في جملة بلايا اللّه الّتي يثاب على الصّبر عليها‏.‏ وفي الشّريعة يتناول كلّ مشروعٍ يؤدّى للّه تعالى، كالأذان والإقامة وأداء الشّهادة‏.‏ إلخ، ولهذا قيل‏:‏ القضاء باب من أبواب الحسبة‏.‏

قال التّهانويّ‏:‏ واختصّ في العرف بأمورٍ منها‏:‏ إراقة الخمر وكسر المعازف وإصلاح الشّوارع‏.‏ والأمر بالمعروف إذا ظهر تركه، والنّهي عن المنكر إذا ظهر فعله‏.‏

والحسبة من الولايات الإسلاميّة الّتي يقصد بها الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ممّا ليس من اختصاص الولاة والقضاة وأهل الدّيوان ونحوهم‏.‏ وممّا يقارب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر‏:‏ النّصح والإرشاد، وقد سبقت المقارنة بينهما في مصطلح ‏(‏إرشاد‏)‏‏.‏

الحكم التّكليفي

3 - اتّفق الأئمّة على مشروعيّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وحكى الإمام النّوويّ وابن حزمٍ الإجماع على وجوبه، وتطابقت آيات الكتاب وأحاديث الرّسول صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين على أنّه من النّصيحة الّتي هي الدّين‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏}‏‏.‏

وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»‏.‏

قال الإمام الغزاليّ‏:‏ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أصل الدّين، وأساس رسالة المرسلين، ولو طوي بساطه، وأهمل علمه وعمله، لتعطّلت النّبوّة واضمحلّت الدّيانة، وعمّت الفوضى، وهلك العباد‏.‏

إلاّ أنّهم اختلفوا بعد ذلك في حكمه، هل هو فرض عينٍ، أو فرض كفايةٍ، أو نافلة ‏؟‏ أو يأخذ حكم المأمور به والمنهيّ عنه، أو يكون تابعاً لقاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد‏.‏ على أربعة مذاهب‏:‏

المذهب الأوّل‏:‏ أنّه فرض كفايةٍ‏.‏ وهو مذهب جمهور أهل السّنّة، وبه قال الضّحّاك من أئمّة التّابعين والطّبريّ وأحمد بن حنبلٍ‏.‏

المذهب الثّاني‏:‏ أنّه فرض عينٍ في مواضع‏:‏

أ - إذا كان المنكر في موضعٍ لا يعلم به إلاّ هو، وكان متمكّناً من إزالته‏.‏

ب - من يرى المنكر من زوجته أو ولده، أو يرى الإخلال بشيءٍ من الواجبات‏.‏

ج - والي الحسبة، فإنّه يتعيّن عليه، لاختصاصه بهذا الفرض‏.‏

المذهب الثّالث‏:‏ إنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر نافلة، وهو مذهب الحسن البصريّ وابن شبرمة‏.‏

المذهب الرّابع‏:‏ التّفصيل، وقد اختلفوا على ثلاثة أقوالٍ‏:‏

القول الأوّل‏:‏ إنّ الأمر والنّهي يكون واجباً في الواجب فعله أو في الواجب تركه، ومندوباً في المندوب فعله أو في المندوب تركه هكذا، وهو رأي جلال الدّين البلقينيّ والأذرعيّ من الشّافعيّة‏.‏

القول الثّاني‏:‏ فرّق أبو عليٍّ الجبّائيّ من المعتزلة بين الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وقال‏:‏ إنّ الأمر بالواجب واجب، وبالنّافلة نافلة، وأمّا المنكر فكلّه من بابٍ واحدٍ، ويجب النّهي عن جميعه‏.‏

القول الثّالث‏:‏ لابن تيميّة وابن القيّم وعزّ الدّين بن عبد السّلام، قالوا‏:‏ إنّ مقصود النّهي عن المنكر أن يزول ويخلفه ضدّه، أو يقلّ وإن لم يزل بجملته، أو يخلفه ما هو مثله، أو يخلفه ما هو شرّ منه، والأوّلان مشروعان، والثّالث موضع اجتهادٍ، والرّابع محرّم‏.‏

أركان الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

4 - عقد الغزاليّ في إحياء علوم الدّين مبحثاً جيّداً لأركانه، وحاصله ما يلي‏:‏ الأركان اللّازمة للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أربعة، وهي‏:‏

‏(‏أ‏)‏ الأمر‏.‏

‏(‏ب‏)‏ ما فيه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ‏(‏المأمور فيه‏)‏‏.‏

‏(‏ج‏)‏ نفس الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ‏(‏الصّيغة‏)‏‏.‏

‏(‏د‏)‏ المأمور‏.‏ ثمّ بيّن أنّ لكلّ ركنٍ من الأركان شروطه الخاصّة به على النّحو التّالي‏:‏

أوّلاً‏:‏ الآمر وشروطه‏:‏

أ - التّكليف، ولا يخفى وجه اشتراطه، فإنّ غير المكلّف لا يلزمه أمر، وما ذكر يراد به شرط الوجوب، فأمّا إمكان الفعل وجوازه فلا يستدعي إلاّ العقل‏.‏

ب - الإيمان، ولا يخفى وجه اشتراطه، لأنّ هذا نصرة للدّين، فكيف يكون من أهله من هو جاحد لأصله ومن أعدائه‏.‏

ج - العدالة‏:‏ وقد اختلفوا في هذا الشّرط، فاعتبرها قوم، وقالوا‏:‏ ليس للفاسق أن يأمر وينهى، واستدلّوا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أتأمرون النّاس بالبرّ وتنسون أنفسكم‏}‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كبر مقتاً عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون‏}‏‏.‏ وقال آخرون‏:‏ لا تشترط في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر العصمة من المعاصي كلّها، وإلاّ كان خرقاً للإجماع، ولهذا قال سعيد بن جبيرٍ‏:‏ إذا لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر إلاّ من لا يكون فيه شيء لم يأمر أحد بشيءٍ‏.‏ وقد ذكر ذلك عند مالكٍ فأعجبه‏.‏

واستدلّ أصحاب هذا الرّأي بأنّ لشارب الخمر أن يجاهد في سبيل اللّه، وكذلك ظالم اليتيم، ولم يمنعوا من ذلك لا في عهد الرّسول صلى الله عليه وسلم ولا بعده‏.‏

ثانياً‏:‏ محلّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وشروطه‏:‏

أ - كون المأمور به معروفاً في الشّرع، وكون المنهيّ عنه محظور الوقوع في الشّرع‏.‏

ب - أن يكون موجوداً في الحال، وهذا احتراز عمّا فرغ منه‏.‏

ج - أن يكون المنكر ظاهراً بغير تجسّسٍ، فكلّ من أغلق بابه لا يجوز التّجسّس عليه، وقد نهى اللّه عن ذلك فقال‏:‏ ‏{‏ولا تجسّسوا‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏وأتوا البيوت من أبوابها‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتّى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها‏}‏‏.‏

د - أن يكون المنكر متّفقاً على تحريمه بغير خلافٍ معتبرٍ، فكلّ ما هو محلّ اجتهادٍ فليس محلّاً للإنكار، بل يكون محلّاً للإرشاد، ينظر مصطلح ‏(‏إرشاد‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ الشّخص المأمور أو المنهيّ‏:‏

وشرطه أن يكون بصفةٍ يصير الفعل الممنوع منه في حقّه منكراً، ولا يشترط كونه مكلّفاً، إذ لو شرب الصّبيّ الخمر منع منه وأنكر عليه، وإن كان قبل البلوغ‏.‏ ولا يشترط كونه مميّزاً، فالمجنون أو الصّبيّ غير المميّز لو وجدا يرتكبان منكراً لوجب منعهما منه‏.‏

رابعاً‏:‏ نفس الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر‏:‏

وله درجات وآداب‏.‏ أمّا الدّرجات فأوّلها التّعريف، ثمّ النّهي، ثمّ الوعظ والنّصح، ثمّ التّعنيف، ثمّ التّغيير باليد، ثمّ التّهديد بالضّرب، ثمّ إيقاع الضّرب، ثمّ شهر السّلاح، ثمّ الاستظهار فيه بالأعوان والجنود‏.‏ وسيأتي تفصيل ذلك‏.‏

مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

5 - يرى جمهور الفقهاء أنّ المراتب الأساسيّة للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ثلاث، وذلك لحديث أبي سعيدٍ الخدريّ، قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»

فمن وسائل الإنكار التّعريف باللّطف والرّفق، ليكون أبلغ في الموعظة والنّصيحة، وخاصّةً لأصحاب الجاه والعزّة والسّلطان وللظّالم المخوف شرّه، فهو أدعى إلى قبوله الموعظة‏.‏ وأعلى المراتب اليد، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه أو يأمر من يفعله، وينزع المغصوب، ويردّه إلى أصحابه بنفسه، فإذا انتهى الأمر بذلك إلى شهر السّلاح ربط الأمر بالسّلطان‏.‏ وقد فصّل الغزاليّ في الإحياء مراتب الأمر والنّهي وقسّمها إلى سبع مراتب، تنظر في مصطلح ‏(‏حسبة‏)‏‏.‏

هذا ويجب قتال المقيمين على المعاصي الموبقات، المصرّين عليها المجاهرين بها على كلّ أحدٍ من النّاس إذا لم يرتدعوا - وهذا بالنّسبة للإمام - لأنّنا مأمورون بوجوب التّغيير عليهم، والنّكير بما أمكن باليد، فإذا لم يستطع فلينكر بلسانه، وذلك إذا رجا أنّه إن أنكر عليهم بالقول أن يزولوا عنه ويتركوه، فإن خاف على نفسه أو على عضوٍ من أعضائه، أنكر بقلبه‏.‏ فلو قدر واحد باليد وآخرون باللّسان تعيّن على الأوّل، إلاّ أن يكون التّأثير باللّسان أقرب، أو أنّه يتأثّر به ظاهراً وباطناً، في حين لا يتأثّر بذي اليد إلاّ ظاهراً فقط، فيتعيّن على ذي اللّسان حينئذٍ‏.‏

6- ولا يسقط الإنكار بالقلب عن المكلّف باليد أو اللّسان أصلاً، إذ هو كراهة المعصية، وهو واجب على كلّ مكلّفٍ، فإن عجز المكلّف عن الإنكار باللّسان وقدر على التّعبيس والهجر والنّظر شزراً لزمه، ولا يكفيه إنكار القلب، فإن خاف على نفسه أنكر بالقلب واجتنب صاحب المعصية‏.‏ قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه‏:‏‏"‏ جاهدوا الكفّار بأيديكم فإن لم تستطيعوا إلاّ أن تكفهرّوا في وجوههم فافعلوا ‏"‏‏.‏

أخذ الأجر على القيام بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

7 - الأصل أنّ كلّ طاعةٍ لا يجوز الاستئجار عليها، كالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والأذان والحجّ وتعليم القرآن والجهاد‏.‏ وهو رأي للحنفيّة ومذهب الإمام أحمد، لما روي عن عثمان بن أبي العاص قال‏:‏ «إنّ آخر ما عهد إليّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن اتّخذ مؤذّناً لا يأخذ على أذانه أجراً» وما رواه «عبادة بن الصّامت قال‏:‏ علّمت ناساً من أهل الصّفّة القرآن والكتابة، فأهدى إليّ رجل منهم قوساً، قلت‏:‏ قوس وليس بمالٍ، أتقلّدها في سبيل اللّه، فذكرت ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن كنت تحبّ أن تطوّق طوقاً من نارٍ فاقبلها»

وأجاز الشّافعيّ ومالك ومتأخّرو الحنفيّة ذلك، وهو رواية عن أحمد، وقال به أبو قلابة وأبو ثورٍ وابن المنذر، ‏"‏ لأنّ «رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زوّج رجلاً بما معه من القرآن» وجعل ذلك يقوم مقام المهر‏.‏ وقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «أحقّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب اللّه» على أنّ المحتسب المعيّن يفرض له كفايته من بيت المال، ما يفرض للقضاة وأصحاب الولايات، بخلاف المتطوّع لأنّه غير متفرّغٍ لذلك‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ إجارة‏)‏‏.‏

أمرد

التّعريف

1 - الأمرد في اللّغة من المرد، وهو نقاء الخدّين من الشّعر، يقال‏:‏ مرد الغلام مرداً‏:‏ إذا طرّ شاربه ولم تنبت لحيته‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء هو‏:‏ من لم تنبت لحيته، ولم يصل إلى أوان إنباتها في غالب النّاس والظّاهر أنّ طرور الشّارب وبلوغه مبلغ الرّجال ليس بقيدٍ، بل هو بيان لغايته، وأنّ ابتداءه حين بلوغه سنّاً تشتهيه النّساء‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الأجرد‏:‏

2 - الأجرد في اللّغة هو‏:‏ من لا شعر على جسده، والمرأة جرداء‏.‏ وفي الاصطلاح‏:‏ الّذي ليس على وجهه شعر، وقد مضى أوان طلوع لحيته‏.‏ ويقال له في اللّغة أيضاً‏:‏ ثطّ وأثطّ‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ أجرد‏)‏ أمّا إذا كان على جميع بدنه شعر فهو‏:‏ أشعر‏.‏

المراهق‏:‏

3 - إذا قارب الغلام الاحتلام ولم يحتلم فهو مراهق‏.‏ فيقال‏:‏ جارية مراهقة، وغلام مراهق، ويقال أيضاً‏:‏ جارية راهقة وغلام راهق‏.‏

الأحكام الإجماليّة المتعلّقة بالأمرد

أوّلاً‏:‏ النّظر والخلوة‏:‏

4 - إن كان الأمرد غير صبيحٍ ولا يفتن، فقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة على أنّه يأخذ حكم غيره من الرّجال‏.‏ أمّا إن كان صبيحاً حسناً يفتن، وضابطه أن يكون جميلاً بحسب طبع النّاظر ولو كان أسود، لأنّ الحسن يختلف باختلاف الطّباع فله في هذه الصّورة حالتان‏:‏ الأولى‏:‏ أن يكون النّظر والخلوة وغير ذلك من الأمور المتعلّقة بالأمر بلا قصد الالتذاذ، والنّاظر مع ذلك آمن الفتنة، كنظر الرّجل إلى ولده أو أخيه الأمرد الصّبيح، فهو في غالب الأحوال لا يكون بتلذّذٍ، فهذا مباح ولا إثم فيه عند جمهور الفقهاء‏.‏

الثّانية‏:‏ أن يكون ذلك بلذّةٍ وشهوةٍ، فالنّظر إليه حرام‏.‏

وقد ذكر الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الأمرد يلحق بالمرأة في النّظر إن كان بشهوةٍ، ولو مع الشّكّ في وجودها، وحرمة النّظر إليه بشبهةٍ أعظم إثماً، قالوا‏:‏ لأنّ خشية الفتنة به عند بعض النّاس أعظم منها‏.‏

أمّا الخلوة بالأمرد فهي كالنّظر، بل أقرب إلى المفسدة حتّى رأى الشّافعيّة حرمة خلوة الأمرد بالأمرد وإن تعدّد، أو خلوة الرّجل بالأمرد وإن تعدّد‏.‏ نعم إن لم تكن هناك ريبة فلا تحرم كشارعٍ ومسجدٍ مطروقٍ‏.‏

ثانياً‏:‏ مصافحة الأمرد‏:‏

5 - جمهور الفقهاء على حرمة مسّ ومصافحة الأمرد الصّبيح بقصد التّلذّذ، وذلك لأنّ المسّ بشهوةٍ عندهم كالنّظر بل أقوى وأبلغ منه‏.‏

ويرى الحنفيّة كراهة مسّ الأمرد ومصافحته‏.‏

ثالثاً‏:‏ انتقاض الوضوء بمسّ الأمرد‏:‏

6 - يرى المالكيّة، وهو قول للإمام أحمد إنّه ينتقض الوضوء بلمس الأمرد الصّبيح لشهوةٍ‏.‏ ويرى الشّافعيّة، وهو القول الآخر لأحمد عدم انتقاضه‏.‏

رابعاً‏:‏ إمامة الأمرد‏:‏

7 - جمهور الفقهاء ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏)‏ على أنّه تكره الصّلاة خلف الأمرد الصّبيح، وذلك لأنّه محلّ فتنةٍ‏.‏ ولم نجد نصّاً للمالكيّة في هذه المسألة‏.‏

خامساً‏:‏ ما يراعى في التّعامل مع الأمرد وتطبيبه‏:‏

8 - التّعامل مع الأمرد الصّبيح من غير المحارم ينبغي أن يكون مع شيءٍ من الحذر غالباً ولو في مقام تعليمهم وتأديبهم لما فيه من الآفات‏.‏

وعند الحاجة إلى معاملة الأمرد للتّعليم أو نحوه ينبغي الاقتصار على قدر الحاجة، وبشرط السّلامة وحفظ قلبه وجوارحه عند التّعامل معهم، وحملهم على الجدّ والتّأدّب ومجانبة الانبساط معهم‏.‏ والأصل‏:‏ أنّ كلّ ما كان سبباً للفتنة فإنّه لا يجوز، حيث يجب سدّ الذّريعة إلى الفساد إذا لم يعارضها مصلحة‏.‏